فكِّر وكرِّر.. لاتبتئس
يمر الإنسان في حياته بإخفاقات ومحاولاتٍ فاشلة ، تكون لها ـ عند البعض ـ تبعاتٌ ضارَّة و " مدمِّرة " فيما يرتبط بتقدير الإنسان لذاته ، فيتصور أن الفشل قدره المقدور ، وأن المحاولات المخفقة التي مرَّ بها ، تعبِّر عن قدراته ، وتمثِّل نهاية تاريخه .
فالواجب هو أن يتخلَّص الإنسان من هذه " العُقَد " ، وأن يغتنم فرصةً " هادئة " ، لرسم خطةٍ للمرحلة المقبلة ، على أن يراعي في هذه الخطة أن تكون مشتملةً على أهدافٍ " ميسورة " وغاياتٍ مقدورةٍ مضمونة ، فإن من شأن الوصول إلى بعض الأهداف المتواضعة ، "ترميم" الثقة بالذات وإنعاشها من جديد ، والتجربة خير برهان .
وبالمناسبة ، فإن بعض أهل الإختصاص في مجال أصول كتابة الأبحاث العلمية ، يعتبر كتابة المقالات القصيرة خطوةً أولى للدخول إلى عالم التأليف .
وما من ريبٍ أنه أمرٌ منطقي ٌ وصائب ؛ ذلك أن النجاح في المقال القصير للمبتدأ أكثر مضمونيةً من نجاح مثله في تأليف الكتاب ، مما يعني أن تذوق النجاح في المقال القصير سيعطيه الزاد المعنوي وسيموِّنه بمشاعر النصر التي ستكون سِناده وعتاده للمراحل التالية في التأليف ، فالنجاح الصغير بوابةٌ للنجاح الكبير .
الإختيار بواقعية
يصادف الإنسان في حياته مشاكل ذات مسحةٍ إستثنائية ، أو فلنسمِّها منعطفاتٍ بالغة التعقيد .
وفي هذا النوع من المنعطفات يقف الإنسان على مفترق طريق ، حيث لايمكن العبور إلّا بتحمل بعض الأضرار ببسالةٍ وفروسيّة ، حيث تكون جميع الخيارات التي سيتخذها الإنسان محفوفةً بشيءٍ من الضرر ، حيث لايمكن الخروج إلابتحمل ضررٍ وألمٍ أيّاً كان الإختيار .
وذلك القسم من الناس ، من ذوي الطبع الباسل ، والموطِّنون أكنافهم لتحملِّ الخسائر التي لافرار منها ، هم قسم متميزٌ نادر ، وليس كل من هبّ ودبّ هو أهل لاحتمال مثل هذه القرارات .
والناس بعد ذلك درجاتٌ متفاوتةٌ في توفُرِّهم على تلك الفروسية التي نصفها ، ومتفاوتون في اللياقة النفسية لتحديد الخيار المناسب في مثل هذا الظرف الحرج ، إلى أن نصل إلى أصحاب الدرجة الرومانسية الحالمة .. إلى أولئك الذين لايريدون أن يخسروا شيئاً وألَّا تطير من أيديهم شيءٌ من أرباحهم وامتيازاتهم .
والذي يجب أن يكون واضحاً لدينا في التعامل مع مثل هذه الظروف المعقَّدة أن طبيعة الواقع ، بل تعقيدات الواقع ، لها حسابات خاصة ، حيث تفرض على المرأ حلولاً " نسبية " ، يقارنها بعض السلبيات أو ربما بعض الآلام ، التي تصادم ما كان يتمناه الإنسان ويصبو إليه ، وهذه حقيقةٌ قاهرةٌ غالبةٌ ، لايمكن الفرار منها بحالٍ من الأحوال .
نتيجةٌ مما تقدَّم
والحاصل أن هناك من الناس يظنَّ أنَّ الوقوع في الإخفاق كارثة ، ولذلك تجده يعاني من الرُهاب والقلق البالغ تجاه المآزق التي قد تلحق به عند الأخذ بهذا الخيار أو ذاك ، حتى لوتبين له بعد التأمل والتفكير أن خياره هو الخيار المناسب والسديد .
ثمَّ إن هذا القلق قد يتضاعف إلى الحد الذي يعيق الإنسان ويعطِّل حافزيته وفاعليته .
فالنظرة الصحيحة هي أن يعترف الإنسان ، بينه وبين نفسه ، بإمكانية الوقوع في الإخفاق أو المرور ببعض النتائج السلبية ، والتي لم تكن في الحساب .
وتضمن هذه النظرة الموضوعية للمرأ أن "يحدَّ" من المردودات المعنوية للإخفاقات ليقاوم تداعيات اليأس والإحباط .
وكما انتهينا إلى تحديد الطريقة السليمة في التعامل مع الأضرار الإضطرارية ، نتطرَّق بالمناسبة إلى ما يتوجب على الإنسان عندما يفكِّر في التخطيط للوصول إلى أرباحٍ أو مكاسب هنا أو هناك .
فالمنطق الصحيح في التخطيط نحو المكاسب ، أن يكفكف المرأ من تدافع الأرقام الوهمية لنجاحاته المستقبلية ، فإن الغالب ، بحسب طبيعة الأشياء ، أن تأتي نجاحات الإنسان بينَ بين .. فإن الإنسان إذا غابت عنه هذه الحقيقة ، وتدنى مستوى نجاحه ومكاسبه عمّا كان يتوقعه ، داخلته مشاعر الإحباط والإنكسار ، بل ربما تفاعلت في أعماقه إلى مستوى مدمِّرٍ ، ينتهي به إلى تعطيل طاقاته .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق